قال محمد بن رشد: هذا كما قال، إن النصراني إذا لم يكن له وارث من أهل دينه، فليس له أن يوصي بأكثر من ثلثه؛ لأن ورثته المسلمون وقوله: إنه يدفع ثلث ماله إلى أسقفهم، يجعله حيث أوصى معناه: إن شاء، فإنما يدفع إليه ثلث ماله، ليفعل فيه ما شاء على حكم دينه. وقوله: ويكون ثلثاه للمسلمين، معناه: يصرفه الولي في وجوه منافعهم على حكم الفيء حكى ابن المواز عن ابن القاسم من رواية أبي زيد عنه قال في الذي يموت ولا وارث له، قال: يتصدق بما ترك، إلا أن يكون الوالي يخرجه في وجهه، مثل عمر بن عبد العزيز فليدفع إليه، وإنما يكون ميراث من مات من أهل الذمة، ولا وارث له من أهل دينه للمسلمين، ولا يجاز له من وصيته أكثر من الثلث إذا كان من أهل العنوة أو من أهل الصلح والجزية على جماجمهم، وأما إن كان من أهل الصلح، والجزية مجملة عليهم لا ينقصون منها لموت من مات، ولا لعدم من عدم، فيجوز له أن يوصي بجميع ماله لمن شاء؛ لأن ميراثه لأهل مودة، على مذهب ابن القاسم، وهو قول سحنون خلاف ما ذهب إليه ابن حبيب من أن ميراثه للمسلمين، إذا لم يكن له وارث من أهل دينه على كل حال. وقد قيل في أهل العنوه: إن مالهم للمسلمين فلا يرثهم ورثتهم، ولا يجوز لهم وصية بثلث ولا غيره، وهو الذي يأتي على قياس ما في سماع سحنون، من كتاب التجارة إلى أرض الحرب، من أنهم في حكم العبيد المأذون لهم في التجارة. وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى فقال لفلان وفلان وفلان ثلثي ولفلان مالي]
مسألة وسئل عن رجل أوصى فقال: لفلان وفلان وفلان ثلثي، ولفلان مالي. قال: يقسم ثلث ماله على اثنا عشر