قال محمد بن رشد: وقع في بعض الكتب: قد علمت حاجته، وما في الكتاب من قوله: قد عظمت حاجته، أصح في المعنى؛ لأن النفقة لو كانت واجبة لها على المحتاج الذي قد علم احتياجه إذا لم يكن سائلا لكان أحرى أن يجب لها عليه إذا كان سائلا لأن مسكنة الذي ليس بسائل أشد من مسكنة السائل على ما جاء في الحديث من قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس» ، الحديث، وإنما لم يوجب لها على السائل الذي يطوف على الأبواب نفقة لأن حاله مشهور، فحملها على العلم بذلك بخلاف الذي ليس بسائل، فيرجع معنى الرواية إلى أنها إذا تزوجته وهي تعلم أنه فقير لا يقدر على الإنفاق فلا نفقة لها عليه كان سائلا أو لم يكن، وإلى أنها في السائل محمولة على العلم بحاله بخلاف الذي ليس بسائل، ويؤيد هذا التأويل قول ابن حبيب، قال: وإذا تزوجته وهو فقير لا شيء عنده، فقد عرفت أن مثله لا يجري النفقة على النساء، فليس لها بعد ذلك قول، وفي المدونة من قول يحيى بن سعيد ما يدل على أن الفقير لا نفقة عليه لزوجته، ومعناه إذا علمت بفقره، وهو قوله: إذا تزوج الرجل المرأة وهو غني ثم احتاج فلم يجد ما ينفق عليها فرق بينهما، وقال أبو الحسن القابسي: إذا ترك السائل التطواف كانت لامرأته حجة، وفرق بينهما، وقال محمد بن عبد الحكم: على الزوج الإنفاق على كل حال وإن كان سائلا يطوف بالأبواب، فرأى محمد بن عبد الحكم النفقة لها عليه واجبة وإن كانت مسكنته ظاهرة مشهورة بتطوافه على الأبواب، وهو أظهر، إذ قد يسأل وله مال، وقد يكون الفقير في الظاهر له مال في الباطن، فهي تقول: لولا أن له مالا لم يتزوجني إذ قد علم أن على الزوج أن ينفق على زوجته، وأما إذا لم تعلم بفقره فلا اختلاف في أن لها النفقة عليه، فإن لم ينفق طلقت عليه، وبالله التوفيق.
[مسألة: أصدقها ستين دينارا فقال أبوها نضع عنك عشرين على ألا تخرج بها]
مسألة قال: وسئل عمن خطب امرأة فواطأها على ستين دينارا صداقا،