قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة والله أعلم، أنها قالت: ضربني؛ فأبهمت الضرب، ولم تبين كيف ضربها؟ فعوتب في ذلك، وقيل له: ضربت امرأتك؟ فحلف بطلاقها أنه ما ضربها، ثم أقر لما ادعى عليه أنه قد كان ضربها قبل أن يحلف بالطلاق أنه ما ضربها أنه، قد كان رماها بعصا أو قامت عليه بذلك بينة، فلذلك قال: إنه لا ينوى، قال بيده أو لم يقل بيده؛ لأن من رمى امرأته بعصا فقد ضربها بيده، ولو قالت: كان رماني بعصا فعوتب في ذلك، وقيل له: رميت امرأتك بعصا؟ فحلف أنه ما ضربها بيده، فوجب أن ينوى؛ لأن بساط المسألة يدل على صدقه فيما ادعى من نيته، وبالله التوفيق.
مسألة وقال فيمن غاب عن امرأته، فتزوج بالريف، فحلفت امرأته لئن قدم فلان لتسألنه الطلاق، فبلغه ذلك فحلف لئن سألته الطلاق ليعطينها أو ليجيبنها، فلما قدم قالت له: طلقني، فقال: أمرك بيدك، فلم تختر شيئا.
قال: لا شيء عليه إلا أن يكون أراد بقوله: لأجيبنها أو لأعطينها، أي لأطلقنها، وإلا فلا شيء عليه.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال: إنه لا شيء عليه، إلا أن يريد بذلك لأطلقها؛ لأنه إذا ملكها أمرها في الطلاق فقد أجابها إلى ما سألته منه، وقد مضى في رسم الصلاة، من سماع يحيى القول، إذا حلف، لئن سألته الطلاق ليطلقها، فلما سألته ملكها أمرها، فذلك يغني عن القول فيما يكون الحكم إذا أراد بقوله: لأجيبنها أو لأعطينها؛ إذ لا فرق بين أن يلفظ بذلك أو يريده فيما يوجب الحكم عليه، وبالله التوفيق.