القول في حكم النية في الصيام الذي يتخلله فطر - يريد بتخلله فطر نهاري. فالصيام الذي لا يتخلله فطر، ينقسم قسمين: أحدهما: ما يجب متابعته بنص أو نذر، والثاني: ما لا يجب متابعته، فأما ما تجب متابعته كشهر رمضان، وشهري الظهار والنذر المتتابع، وشبه ذلك، بنية واحدة عند أوله تجزئ في المشهور في المذهب، إذ لا يتخلل ذلك فطر في زمن يصح فيه صوم، فكان كاليوم الواحد. وقد حكى محمد بن عبد الحكيم عن مالك: وجوب التبييت في كل ليلة، وهو شذوذ. وأما ما كان من الصيام يجوز تفريقه كقضاء رمضان، وصيامه في السفر، وصيام كفارة اليمين، وفدية الأذى، فاختلف إذا نوى متابعة ذلك، هل تجزئه نية واحدة في أوله؟ أو يلزمه تجديد النية لكل يوم، لجواز الفطر على قولين، الأظهر منهما أن تجزئه نية واحدة في أوله، يكون حكمها باقيا، وإن زال عينها، ما لم يقطعها بنية الفطر عامدا. وأما ما لم ينو متابعته من ذلك، فلا اختلاف في أن عليه تجديد النية لكل يوم، وقد مضى التكلم على المسألة الثانية في أول سماع ابن القاسم، وسيأتي أيضا في رسم "جاع".
[مسألة: يحلف بالله أو بالطلاق أو غيره أن يصوم غدا فيصبح صائما ثم يأكل ناسيا]
مسألة وقال في الذي يحلف بالله، أو بالطلاق، أو غيره، أن يصوم غدا، فيصبح صائما ثم يأكل ناسيا: إنه لا شيء عليه.
قال محمد بن رشد: إنما قال إنه لا شيء عليه إذا أكل ناسيا، أي: لا حنث عليه؛ بخلاف ما لو أصبح مفطرا ناسيا ليمينه، مراعاة للخلاف في وجوب القضاء على من أفطر في التطوع - متعمدا، أو في رمضان ناسيا، لما جاء في ذلك، وقد مضى ذلك في رسم "اغتسل على غير نية" من سماع ابن القاسم، وقد تكررت هذه المسألة في هذا الرسم من هذا السماع من كتاب الأيمان بالطلاق - ومضى من كلامنا عليها هناك ما فيه زيادة بيان.