لا تجزئ في مسألة الحائض، والأيام التي أفطرتها لا يصح لها صومها؛ كان أحرى أن تجزئ النية الأولى في مسألة ناذر يوم في الجمعة، لصحة صوم الأيام التي أفطرتها في اليومين. والثاني: أن النية الأولى تجزئ في المسألتين جميعا، وهي رواية عيسى هذه، وقول مالك في المختصر، وقول أشهب؛ لأن النية الأولى إذا كانت تجزئ في مسألة ناذر يوم من الجمعة، كان أحرى أن تجزئ في مسألة الحائض، للعلة التي قدمنا ذكرها؛ والثالث: أنها تجزئ في مسألة الحائض؛ لأن أيام الحيض لما كانت لا يصح صومها، أشبهت الليل، فصار صومها كالمتصل، ولا تجزئ في مسألة ناذر يوم الجمعة، لتحلل الفطر بين الصيامين، وهو أحد قولي ابن القاسم. والصحيح من هذه الأقوال: أنه لا بد من تجديد النية في المسألتين، إذ لو أجزأت النية الأولى في الصيام الثاني ولم تراع ما بينهما من الفطر، لوجب ألا يحتاج في أول رمضان إلى نية، لتقدم النية في صيامه قبل دخوله، وهذا لا يقوله أحد غير ابن الماجشون، قد نحا إليه بقوله: إن أهل البلد إذا عمهم العلم برؤية الهلال، أو بالشهادة فيه عند القاضي، صح صيام من لم يعلم بذلك منهم متى أصبح، وأجزأه ما لم يأكل ولم يشرب، وكذلك لو تخلل صيام شهر رمضان فطر لمرض أو سفر، لم يحتج إلى تجديد النية عند صحته، أو قدومه من سفره، على قياس رواية عيسى هذه في ناذر يوم من الجمعة بعينه، وهو بعيد، والذي يوجبه النظر أنه لا بد من تجديد النية في ذلك، وأن إيقاعها قبل غروب الشمس من ليلة الصوم لا يصح، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل» . فيصح إيقاعها في جميع الليل إلى الفجر، وقد قيل: إن إيقاعها مع الفجر معا لا يصح، والأول أصح، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: ١٨٧] . وإذ قد مضى تحصيل