ذلك، ولهم أن يفعلوه، لا لأنهم علموا أن غيره أولى منه؛ وهذا معنى قول مالك في المدونة: لا توضع الجنازة في المسجد، وإن وضعت قرب المسجد لم يصل عليها من في داخل المسجد، إلا أن يضيق خارج المسجد بأهله؛ وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه. ومنهم من كره أن يصلى على الجنازة في المسجد، وأجاز إذا وضعت خارج المسجد أن تمتد الصفوف بالناس في المسجد، وإلى هذا ذهب ابن حبيب، وعزاه إلى مالك، وقال: هو من رأيه، ولو صلى عليها في المسجد ما كان ضيقا، وفي صلاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سهل بن بيضاء في المسجد، دليل على أن الميت ليس بنجس، وقد مضى في أول سماع ابن القاسم من الحجة على ذلك ما فيه كفاية، فإذا كان ليس بنجس، وإنما يكره إدخاله في المسجد - إذا لم يدفن فيه، مخافة أن ينفجر منه شيء فيه، فلا فرق في كراهية الصلاة عليه في المسجد بين أن يكون فيه أو خارجا منه، وهو مذهب مالك في المدونة، وظاهر قوله في الحديث:«من صلى على جنازة في المسجد، فلا شيء له» إذ لم يفرق فيه بين أن تكون الجنازة في المسجد، أو خارجا عنه؛ وإذا قلنا إن ذلك مكروه، فإن فعله لم يأثم ولم يؤجر، وإن لم يفعله أجر؛ لأن حد المكروه ما تركه أفضل من فعله؛ وهو الذي يدل عليه قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «من صلى على جنازة في المسجد، فلا شيء له» .
[مسألة: المشي أمام الجنازة للرجال والنساء]
مسألة وسئل عن المشي أمام الجنازة للرجال والنساء، أهم في ذلك سواء؟ فقال: لا أرى أن يكون النساء في ذلك بمنزلة الرجال، أيكون النساء مع الرجال بين أيديهم؟ فقال له: إن النساء لا يكن بين أيدي الرجال، ولكن خلفهم أمام الجنازة؛ فقال: أليس الرجال يحملون