للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: قد مضى الكلام على هذا مستوفى في رسم اغتسل على غير نية من سماع ابن القاسم فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق.

[مجالسة القدرية والحجة عليهم]

في مجالسة القدرية والحجة عليهم وسألته عن مجالسة القدرية وكلامهم، فقال لي: لا تكلمهم ولا تقعد إليهم إلا أن تجلس إليهم تغلظ عليهم. قلت: إن لنا جيرانا لا أكلمهم ولا أخاصمهم، فقال: لا تجالسهم عادهم في الله، يقول الله عز وجل: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢] فلا توادهم. قال مالك: ما أبين هذا في الرد على أهل القدر، {لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} [التوبة: ١١٠] وقَوْله تَعَالَى: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: ٣٦] فهذا لا يكون أبدا ولا يرجع ولا يزال. قال: وسئل عن عيادة أهل القدر، قال: لا تعودوهم ولا تحدث عنهم الأحاديث.

قال محمد بن رشد: نَهْيُ مالكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - في هذه الرواية عن أن يجالس أهل القدر أو يؤاخوا أو تحمل عنهم الأحاديث يدل على أنه لم يرهم كفارا بمآل قولهم الذي يعتقدونه ويدينون به، مثل قوله في هذا السماع من كتاب المحاربين والمرتدين: إنهم قوم سوء فلا يجالسون ولا يصلى وراءهم، خلاف قوله فيهم في أول سماع ابن القاسم منه. وقد مضى هنالك

<<  <  ج: ص:  >  >>