مسألة وسئل عن قوم يقسمون من الصدقة وجدوا مكاتبا قد بقيت عليه بقية من كتابته أترى أن يعطى منها ما يعتق به؟ قال: ما أرى بأسا وغيره أحب إلي يعني تركه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها ثلاثة أقوال أحدها هذا أنه يجوز أن يعطى المكاتب من الزكاة ما يعتق به وإن كان ولاؤه للذي كاتبه، وكذلك يجوز على هذا القول أن يعطي الرجل من زكاة ماله الرجل على أن يعتق عبده وإن كان ولاؤه للمعتق، وكذلك الرقبة يكون بعضها حرا وبعضها رقيقا يجوز أن يشتري ما رق منها من الزكاة فيتم ذلك عتاقتها، وقد حكى ذلك ابن حبيب في الواضحة عن مالك والقول الثاني أنه لا يجوز أن يعطى من الزكاة المكاتب وإن تمت ذلك عتاقتة من أجل أن ولاءه للذي كاتبه، وهو نص قول ابن القاسم في الواضحة أنه لا يجوز أن تجعل زكاته إلا في رقبته يكون ولاؤه لجميع المسلمين وظاهر روايته عن مالك في المدونة، والقول الثالث أنه يجوز أن يعان بذلك المكاتبون الذين لا يقدرون على أداء كتابتهم فيودوا عتقهم بقدر قله المال وكثرته من غير أن يشترط في ذلك كمال حريتهم، هذا ظاهر قول المغيرة في تأويل قول الله تعالى وفي الرقاب وظاهر ما حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف أنه قال: وقد أشار على مالك وعلى بن أبي حازم أن يجعل من الصدقات في المكاتبين وفي الرقاب، والقول الأول استحسان، والثاني هو القياس، وقول المغيرة ضعيف، ووجهه إتباع ظاهر قَوْله تَعَالَى {وَفِي سَبِيلِ}[التوبة: ٦٠] قال ابن حبيب: وكان أصبغ لا يرى أن يفك أسرى المسلمين من الزكاة، ومن فعل ذلك ضمنها، وأنا لا أرى ذلك؛ لأنها رقاب قد جرى عليها الرق لأهل الشرك، فإنما يفك من رق إلى عتق، وبالله التوفيق.