[الجب من ماء السماء تقع فيه الدابة فتموت فيه وقد انتفخت أو انشقت]
ومن كتاب النسمة وسئل ابن وهب عن الجب من ماء السماء، تقع فيه الدابة فتموت فيه وقد انتفخت أو انشقت، والماء كثير لم يتغير منه شيء إلا ما كان منه قريبا منها، فلما أخرجت وحرك الماء ذهبت الرائحة، هل يتوضأ به ويشرب منه؟ قال: إذا أخرجت الميتة من ذلك الماء، فلينزع منه حتى يذهب دسم الميتة وودكها، والرائحة واللون إن كان له لون، إذا كان الماء كثيرا على ما وصفت طاب ذلك الماء إذا فعل ذلك به. قال ابن القاسم: لا خير فيه، ولم أسمع مالكا أرخص فيه قط، وبالله التوفيق.
قال محمد بن رشد: قول ابن وهب هو الصحيح على أصل مذهب مالك الذي رواه المدنيون عنه في أن الماء قل أو كثر لا ينجسه ما حل فيه من النجاسة إلا أن يتغير من ذلك أحد أوصافه على ما جاء عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في بئر بضاعة، وقد روى ابن وهب، وابن أبي أوس، عن مالك في جباب تحفر بالمغرب فتسقط فيها الميتة، فيتغير لونه ووزنه، ثم يصيب الماء بعد ذلك أنه لا بأس به. وقد قال ابن القاسم في رسم "العتق " بعد هذا: إن للجنب أن يغتسل في الماء الدائم دون أن يغسل ما به من الأذى إذا كان الماء يحمل ذلك. وتفرقته بين حلول النجاسة في الماء الدائم أو موت الدابة فيه إذا حمل ذلك الماء، ولم يتغير منه استحسان ليس بقياس، والله أعلم. وقد مضى في رسم "الوضوء والجهاد" الوجه الذي به تفترق المسألتان فقف على ذلك، وبالله التوفيق.