عدل؛ لأن المعدل لا يقطع أنه لا جرحة فيه، وإنما يشهد بما يظهر إليه من عدالته، وإن جرح ردت شهادته. فوجب إذا قال قوم: إنه عدل، وقال آخرون: إنه مسخوط - أن ينظر إلى أعدل البينتين، فإن استوتا في العدالة سقطتا، وبقي على ما كان عليه قبل الشهادة من التوقيف في أمره. ووجه القول أن شهادة المجرحين أعمل: هو أن المجرحين كأنهما قد زادا في شهادتهما؛ لأنهما علما منه ما لم يعلم المعدلون، وهذا هو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب، ووجه القول بأن شهادة المعدلين أعمل: هو أن شهادتهم توجب حكما وهو قبول الشهادة، وشهادة المجرحين لا توجب حكما؛ لأن شهادة الشاهد المجهول الحال غير مقبولة حتى يُعَدَّل، فوجب أن تكون شهادة من أوجب الحكم أعمل من شهادة من نفاه، وبالله التوفيق.
[: الشهادة بما في كتاب يزاد فيه شهود]
ومن كتاب الأقضية الثاني قيل: أرأيت إن أُتيت بكتاب، فقيل لي: اشهد فيه، وذهب بالكتاب يزاد فيه شهود، ثم أقام عني يوما أو يومين، ثم أتيت به أشهد فيه؟ فقال: أليس تعرف الكتاب؟ قال: بلى، قال له: فاشهد فيه.
قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قاله؛ لأن الكتاب عرض من العروض يعرف بعينه إذا غيب عليه، فإذا عرف أنه هو بعينه شهد فيه، وإن شك لم يشهد، وإن كان إنما يعرفه بالخط فيدخل في ذلك من الخلاف ما دخل في الشهادة على خط المقر، وقد مضى بيان ذلك في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم، والله الموفق.