الخطاب يكسوها الناس، فكان يكسو منها أسيد بن الحضير فيبيعها فيشتري بفضل ثمنها عبدا فيعتقه، فكره عمر أن يرى في عطيته خلل واختلاف، فقال وعنده أسيد: يعمد أحدهم أكسوه وأعطيه فيبيع ذلك، يوشك أن يفعل ذلك أحدهم فلا أعطيه. فقال له أسيد: يغفر الله لك إن بعت فقدمت لنفسي تمنعني حقي، فقال عمر: لا والله.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه الحكاية والقول فيها في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
[قول ابن مسعود في الربيع بن خثيم]
في قول ابن مسعود في الربيع بن خثيم
قال مالك: وكان ذلك الرجل إذا رآه ابن مسعود قال: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}[الحج: ٣٤] كان تستأذنه ابنته تقول له: دعني أذهب ألعب، فيأبى عليها، فقال له رجل ما يمنعك أن تقول لها نعم؟ قال أكره أن أجده في صحيفتي يوم القيامة.
قال محمد بن رشد: قيل إن الرجل الذي قال فيه ابن مسعود هذا الربيع بن خثيم، وامتناعه من أن يأذن لابنته فيما استأذنته فيه من اللعب مخافة أن يجد ذلك في صحيفته يوم القيامة، إذ قد جاء أن كل ما لا يكتبه صاحب اليمين يكتبه صاحب الشمال، نهاية في الورع والزهد والخوف لله عز وجل. ومن خشي مثل هذا وخافه وتحرج منه على خفته، إذ الجواز أظهر فيه بل الاستجاب، فقد كانت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تلعب بالبنات بعلم رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلا ينكر ذلك عليها، بل كان سرب الجواري إليها يلعبن معها. ووجه استحبابه من جهة المعنى ما يدخله من السرور عليه بالإذن له في ذلك فيؤجر، وقد قال الله عز وجل: