قال محمد بن رشد: هذا كما لو قال لامرأة أجنبية إن وطئتها فهي طالق فتزوجها ووطئها أنه لا شيء عليه إلا أن يكون أراد إن تزوجها، ومثله في المدونة، ولا اختلاف فيه عندهم؛ لأنه حملوا قوله إن وطئها على حالها التي هي عليه حتى يريد إن وطئها بعد الشراء في الأمة وبعد النكاح في الحرة مراعاة للاختلاف، إذ من أهل العلم من يقول إنه لا شيء عليه وإن قال إن تزوجتها أو اشتريتها وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف لامرأته بطلاق كل امرأة يتزوجها عليه البتة]
مسألة وقال فيمن حلف لامرأته بطلاق كل امرأة يتزوجها عليه البتة ثم هاج بينهما كلام فقال لها: إن لم أتزوج عليك إلى عشرة أشهر فأنت طالق البتة.
قال ابن القاسم: جاءتني ونزلت فأمرته أن يصالحها ويتركها حتى يمضي عليها العشرة أشهر فيقع عليه الحنث حين يقع وليست في ملكه ولا هي له بامرأة، ثم يتزوجها بعد ذلك إن شاء وقد مضت اليمين وسقطت، قال: ولو كانت يمينه مبهمة ليس فيها أجل لكان أشد عليه وكانت اليمين ترجع عليه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه لو ضرب ليمينه أجلا فإنما يحنث بانقضاء الأجل، فإذا صالحها قبل أن ينقضي الأجل فحل الأجل وهي ليست في عصمته سلم من وقوع الثلاث عليه فيها، وكان له أن يراجعها إن شاء، ولا يرجع عليه اليمين فيها إذ قد مضى الأجل. ولو كانت اليمين مبهمة إلى غير أجل لرجعت عليه كما قال، ولا يكره له الفرار من الحنث بهذا الفعل في هذه المسألة، إذ لو كان فيه وجه من وجوه الكراهة لما أمره به ابن القاسم. وإنما قال مالك في مسألة كتاب إرخاء الستور من المدونة: بئس ما فعل من فر من الحنث، من أجل أنه غر بغريمه إذ حلف