قال محمد بن رشد: قد روى ابن وهب عن مالك، في المراهق إذا طلق، إن الطلاق يلزمه، ومثله في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من كتاب الأيمان بالطلاق، في المناهز للحلم.
ومعنى ذلك، إذا كان قد أنبت فقال ابن وهب: لا يلزمه الطلاق حتى يحتلم، مثل قول مالك هاهنا، فهذا الاختلاف جار على اختلاف قوله في المدونة في الإنبات، هل يحكم له به بحكم الاحتلام أم لا؟ وهذا فيما يلزمه في الحكم الظاهر من الطلاق والحدود، وأما فيما بينه وبين الله، إذا أتى مستفتيا فلا يلزمه طلاق حتى يحتلم أو يبلغ حد سن الاحتلام، وذلك خمسة عشر عاما عند ابن وهب، وسبعة عشر عاما عند ابن القاسم، وثمانية عشر، على اختلاف قوله في ذلك، وبالله التوفيق.
[ينفق على ولده من امرأة قد طلقها]
ومن كتاب كتب عليه ذكر حق وسئل مالك عن الرجل ينفق على ولده من امرأة قد طلقها، ثم إن الغلام ورث مالا فأنفق عليه بعد ما ورث، ثم مات فأراد أن يحاسب الأم في ميراثها في مال الغلام، من يوم ورث المال، وأبت الأم، قال مالك: ذلك للأب أن يحاسبها من يوم ورث، ولا أرى على الأب يمينا للأم أنه قد أنفقه عليه من عنده إذا كان مقلا.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة مثل التي تقدمت في رسم سلعة سماها، ولم يفرق فيها بين أن يكون المال عينا أو عرضا، كما فرق في أول رسم، فيحتمل أن يكون المعنى فيها أن الميراث لم يكن قبضه بعد، ولا صار بيده، وأن يكون قد قبضه واستنفقه وهو الأظهر، لقوله يحاسب الأم في ميراثها؛ لأن الأظهر في المحاسبة أن يكون قد ترتب في الذمم، لا يصح جوابه إلا على أحد هذين الوجهين. وقد مضى بيان هذا كله في أول السماع، والله الموفق.