من أن ذلك ليس على حكم الشهادة، وإنما استحب أن يكونا اثنين استظهارا في الحكم للمعنى الذي ذكره، فانظر في ذلك وتدبره، وبالله التوفيق.
[مسألة: دعي إلى أن يستحفظ الشهادة أو يؤدي ما حفظ]
مسألة وسئل سحنون عن قول الله تعالى: [ {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}[البقرة: ٢٨٢] فقال: إذا كان للرجل عندك علم قد أشهدك عليه، وأما إذا لم يكن له عندك علم، وإنما يريد أن يشهدك ابتداء فأنت في سعة إذا كان يجد في البلد غيرك من يشهده.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن القيام بالشهادة الذي أمر الله به] حيث يقول:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}[الطلاق: ٢] و {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}[النساء: ١٣٥] ينقسم على وجهين؛ أحدهما: أن يدعى ليشهد على الشهادة ويستحفظ إياها.
والثاني: أن يدعى أن يشهد بما علمه استحفظ إياه أو لم يستحفظ.
أما الوجه الأول وهو أن يدعى ليشهد ويستحفظ الشهادة فإن ذلك واجب وفرض على الجملة يحمله بعض الناس عن بعض كالجهاد والصلاة على الجنائز وما أشبه ذلك، فإذا كان الرجل في موضع ليس فيه من يحمل ذلك عنه تعين عليه الفرض في خاصته؛ لأن الله قال:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}[الطلاق: ٢] فإذا قيم بها فقد امتثل الأمر وسقط الفرض، إذ لا معنى لقيام من قام بها بعد ذلك.
وأما الوجه الثاني وهو أن يدعى ليشهد بما علمه واستحفظ إياه فإن ذلك واجب عليه لقول الله عز وجل: