واستحب ابن حبيب أن ينوي الفطر. وقد نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيامه لهذا وأشباهه، ولا يظهره، والصواب أن هذا هو الواجب عليه أن يفعله، وإن كان مخالفا لظاهر الروايات؛ لأن الصوم من أفعال القلوب، فلا يحل له أن ينوي الصوم وهو يعلم أن ذلك عليه حرام، وبالله التوفيق.
[مسألة: يطلق امرأته وهي حائض ولا تعلم ولا يرتجع حتى تطهر من الحيضة فيطلقها]
مسألة وسئل ابن القاسم عن الذي يطلق امرأته وهي حائض ولا تعلم، ولا يرتجع حتى تطهر من الحيضة، فيطلقها وهي حائض طاهر منها، ثم تعلم به، أيجبر على الرجعة؟ قال: نعم، يجبر على الرجعة ما لم تنقض العدة من الطلاق الأول، ثلاث حيض، إلا أن يكون قد ارتجع بعد طلاقه إياها وهي حائض، ثم طلقها بعد ذلك وهي طاهر حين طهرت فيها أو من بعد ذلك، فهذا لا يجبر على الرجعة ولا رجعة عليه، قيل لابن القاسم: أرأيت إذا قال: لا أرتجع، ما يصنع به السلطان؟ قال: يجبره. قلت لابن القاسم: وكيف ذلك الإجبار؟ أيقضي عليه بالرجعة ويشهد على القضية عليه بذلك، وتكون رجعة، وتكون امرأته بتلك الرجعة أبدا حتى إن خرجت من العدة وماتا توارثا، إلا أن يحدث طلاقا بعد ذلك؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: قوله: إن المطلق في الحيض يجبر على الرجعة وإن طلقها بعد أن طهرت من تلك الحيضة صحيح، بين في المعنى؛ لأن هذه الطلقة الثانية لا عدة لها ولا تهدم عدة الطلاق الأول، فوجب أن يجبر على الرجعة ما لم تنقض العدة على مذهب ابن القاسم، أو ما لم تطهر من الحيضة الثانية على مذهب أشهب، وقال: إنه إن أبى الرجعة يجبر عليها، والإجبار يكون بأن يقضي عليه بها، ويشهد على القضية، فظاهر هذا أنه لا يضرب ولا يسجن، خلاف ما حكى ابن المواز عن ابن القاسم وأشهب أنه يهدد، فإن أبى سجن، فإن أبى ضرب، ويكون ذلك كله في موضع واحد؛ لأنه مقيم على