يرجع على الغاصب بقيمة عيب الجناية التي جناها عنده. ووجه العمل في ذلك، أن يقوم العبد بعيب الجناية، وسالما منها، فما كان بين القيمتين من الأجزاء، ثلث أو ربع أو خمس، رجع رب العبد على الغاصب في القيمة التي أخذ العبد منه فيها بذلك الجزء، وإن كانت الجناية تستغرقه، ولا قيمة له بها رجع عليه بجميع قيمته، وكان الغاصب مخيرا بين أن يفتكه بجنايتين، أو يسلمه بهما، وهذا إذا كان العبد قد فات عند الغاصب بغير الجناية التي لم يعلم بها، فأخذ عبده وقد كان له أن يضمن الغاصب قيمته يوم الغصب، وأما إن كان لم يفت عند الغاصب فأخذه صاحبه ولم يعلم بالجناية، ثم جنى عنده فاطلع على الجناية التي كان جنى عند الغاصب، فالحكم فيه على ما يوجبه القياس والنظر، أن يكون مخيرا بين أن يرده الغاصب، أو يضمنه قيمته يوم الغصب؛ لأنه يقول: لو علمت أنه جنى لم آخذه، وقد كنت مجبورا على أخذه، إذ لم يسلم بجنايته، ويكون الغاصب فيه مخيرا بين أن يفتكه بالجنايتين جميعا، أو يسلمه لهما، وإن شاء سيد العبد تمسك بعبده، وافتكه بالجنايتين أو أسلمه بهما. فإن أسلمه بهما وهما سواء، رجع على الغاصب بنصف قيمة العبد، وإن افتكه بهما، رجع على الغاصب بالأقل من نصف قيمته، أو نصف الجنايتين، على الاختلاف المذكور في ذلك، وإنما كان يصح جوابهما لو كانا عبدين مغصوبين، فجنى أحدهما عند الغاصب، فأخذهما سيدهما، ولم يعلم بجناية الجاني منهما، ثم جنى الآخر عنده. وبالله تعالى التوفيق.
[اغتصب من رجل طعاما بعينيه في غير البلد]
من سماع أصبغ من ابن القاسم من كتاب البيوع قال أصبغ: سمعت أشهب، وسئل عمن اغتصب من رجل طعاما بعينيه، في غير البلد، أله أخذه؟ قال: نعم، له أخذه إن شاء، وإن تركه وأخذ منه مثله بتلك البلدة التي اغتصبه فيها. قال أصبغ: قال ابن القاسم: ليس له أخذه، ويؤخذ بمثله يعطيه بموضعه الذي اغتصبه به، ويصنع به هو ها هنا ما شاء. قال