قال في كتاب الحج الأول من المدونة: إن ذلك واسع، إن شاء أذن- والإمام يخطب، وإن شاء بعد فراغ الإمام من الخطبة. والوجه في ذلك، أنه لما لم يقطع بثبوت السنة، وكان الأذان بعد تمام الخطبة أولى من جهة النظر والمعنى، خير بين الوجهين فرارا من أن يحض على خلاف ما قد روي عن النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أو يترك ما يوجبه النظر إلى ما لم يثبت عن النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وهذا منه- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بنهاية في التوقي. وفي الواضحة: أنه يؤذن في جلوس الإمام بين خطبتيه على ما (حكي) من سيرة الحج فيما كتب به القاسم، وسالم - إلى أمير الحج في زمن يزيد بن عبد الملك، وقد روي عن ابن الماجشون أن المؤذن يؤذن بعد صدر من خطبته.
[مسألة: نسي صلاة يوم الجمعة فلم يذكر حتى صلى الجمعة]
مسألة قال ابن القاسم فيمن نسي صلاة يوم الجمعة فلم يذكر حتى صلى الجمعة، قال: يصلي الصبح، ثم يصلي الجمعة أربعا.
قال محمد بن رشد: والوقت في ذلك، النهار كله، قال ذلك ابن المواز؛ وقال أشهب وسحنون والليث بن سعد وغيرهم: أن السلام من الجمعة خروج وقتها، ولو ذكر صلاة الصبح- وهو في الجمعة مع الإمام، لخرج إن أيقن أنه يدرك من الجمعة ركعة بعد صلاة الصبح، وإن لم يوقن ذلك تمادى مع الإمام وأعاد ظهرا أربعا على مذهب ابن القاسم، خلافا لأشهب، ومن قال بمثل قوله: إن السلام من الجمعة خروج وقتها. وجه قول ابن القاسم، أن الجمعة لما كانت بدلا من الظهر، ووقت الظهر قائم بعد، وجب أن يعيد الجمعة ظهرا أربعا، لتعذر إقامتها جمعة؛ ووجه قول أشهب ومن قال بمثل قوله، أنه لما تعذر إقامتها جمعة كما كان صلاها، سقطت عنه الإعادة؛ إذ ليست بواجبة؛ ألا ترى أنها لا تجب بعد خروج الوقت، وستأتي المسألة متكررة في سماع سحنون.