بلغن وتزوجن وحزن أموالهن ودفع إليهن أموالهن وكان عَم لهن يَلِي حبسهن فاتهمنه في غلتهن وطلب بعضهن أن تُوَكَّل بحقها ويدفع ذلك إليها، قال: أرى أن يُنظَرَ في ذلك، فإن كان حسن النظر لم أر ذلك لها، وإن كان غير ذلك رأيت أن يجعل معه من يوكله بذلك.
قال محمد بن رشد: قوله: " وكان عم لهن يَلِي حبسهن" معناه أنه كان يليه بجعل المحبس ذلك إليه، إذ لو كان يليه بجعلهن ذلك هن إليه لكان لمن شاءت منهن أن توكل بحقها من شاءت سواه، ولم يكن للسلطان في ذلك نظر؛ لأن لكل واحدة منهن أن تعزله عن النظر لها إن شاءت متى شاءت، وقولُه: ينظر في ذلك فإن كان حسن النظر يريد ثقة مأمونا غير متهم لم أر ذلك لها، وقوله: وإن كان على غير ذلك يريد سيئ النظر أو غير مأمون رأيت أن يجِعل معه من توكله بذلك، وإنما رأى لها أن توكل بحقها ولم تعزله عن النظر لكونه سيئ النظر غير مأمون، من أجل أنهن مالكات لأمورهن، وقد رضي به بعضهن، وَلَوْ لَمْ ترض به واحدة منهن لعزله القاضي عنهن وكان من حقهن أن يوكلن من رضين به، ولو كُنَّ غير مالكات لأمور أنفسهن لوجب إذا ثبت عند السلطان أنه سيئ النظر غير مأمون أن يعزله ويقدم سواه، ولم يلتفت إلى رضا من رضي به منهن، وقد رأيت لابن دحون أنه قال: لو اتهمه جميعُهن لكان لهن إخراج ذلك من يديه، وإنما بقي في يديه لأنهن اختلفن فاتهمه بعضهن ولم يتهمه الباقون، وفي قوله نظر فتدبره وباللَه التوفيق.
[مسألة: الفرس يحبس في سبيل الله فيأتي بعض من يريد أن ينزيه فيمنعه من ذلك]
مسألة وسئل مالك عن الفرس يحبس في سبيل الله فيعطاه رجل فيأتي بعض من يريد أن يُنْزِيَه فيمنعه من ذلك أترى ذلك واسعا؟ قال: نعم النزو يُضْعِف فأرى أن يمنعه ويستبقيه لما جعل له فيه، قال مالك: وكذلك الإِبل.