فالكراهة في ذلك بينة، وقد قال ابن حبيب: إن ذلك سخطة فيما فعله، مسقطة لإمامته وشهادته، وبالله التوفيق.
[مسألة: أكل خراج الحجام]
مسألة قال: وسئل مالك عن أكل خراج الحجام، فقال: لا بأس به، وما زال الناس بالمدينة يأكلونه ويتخذونهم.
قال محمد بن رشد: قول مالك: هذا صحيح على أصله في أن العمل المتصل يقضي على أخبار الآحاد العدول، فقد حكى عن ربيعة أنه كان يقول في كسب الحجام وما جاء فيه النهي: إنهم كانوا في ذلك الزمان، والذي في أيديهم الشيء اليسير، فلما وسع الله، وكثر العبيد، اتخذهم الناس، وحكى عن الليث عنه أنه قال: لا بأس به، وقد كان للحجامين سوق معلومة على عهد عمر بن الخطاب، ولولا أن يأنف رجال لأخبرتك بآبائهم كانوا حجامين، وما أقره عمر بن الخطاب، ولم ينكره بمحضر الصحابة، فقد حصل أصلا بإجماع الصحابة عليه، فوجب القول به، والمصير إليه، وقد مضى في أول سماع أشهب بيان في هذا المعنى، وبالله التوفيق.
[مسألة: كسب البيطار]
مسألة وسئل مالك عن كسب البيطار، فقال: ما أرى به بأسا، يعالج الدواب.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه لا بأس بذلك؛ لما في معالجتها من الأدواء التي تنزل من استدامة الانتفاع بها، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنزل الدواء الذي أنزل الأدواء» ، والله الموفق.