ولم يقل: إن له فيه كراء مثله، وعلى ما قاله ابن حبيب، وحكاه عن مالك وأصبغ في إجارة المعلمين. ومن حق المستأجر علي هذا القول ألا يلزمه فيما يأخذ من ذلك، وراغ عنه إلا بعد الأجل إلا القيمة إن كانت أقل من الثمن؛ لأن من حقه أن يقول: إنما رضيت بالزيادة على القيمة من أجل التعجيل حسبما ذكرناه، في أول رسم من سماع أشهب، والذي يأتي في هذه المسألة على المشهور في المذهب من أنه لا يجوز في الإجارة مدتان في مدة، وهو قول مالك في رسم سلف ورسم المحرم، من سماع ابن القاسم، وأول رسم من سماع أشهب، أن تفسخ الإجارة فيما بقي، وتصحح بالقيمة فيما مضى، وبالله التوفيق.
[مسألة: استأجر عبدا من رجل شهرا بقمح]
مسألة وعن رجل استأجر عبدا من رجل شهرا بقمح، فلما عمل عنده نصف شهر سأله أن يقاصه ويأخذ نصف الحنطة، أو يأخذ منه ثمن نصف ما عمل عنده غلامه. قال: إن كان قد نقد القمح، فلا يصلح ذلك بمنزلة الدنانير؛ لأنه إجارة وسلف، إلا أن تجيء من الأجير خيانة أو ما أشبه ذلك، فأرجو أن يكون خفيفا، لا يبيع الأجير ما أجر به نفسه من الطعام حتى يستوفيه، وإن كان لم ينقد، فلا بأس به، ولا يأخذ إلا قمحا.
قال محمد بن رشد: مساواته بين الطعام والدنانير في أن الإقالة من نصف الشهر الثاني لا تجوز إذا كان قد نقد صحيح؛ لأن ما يرد من الشهر إجارة، فيدخله في الوجهين جميعا إجارة، وسلف دخولا واحدا، فيتهمان على القصد إلى ذلك، والتحيل لإجازته بينهما بما أظهراه من الإجارة والإقالة، إلا أن يظهر في أمرهما ما يرفع التهمة عنهما في القصد إلى ذلك من خيانة تجيء من الأجير، أو ما أشبه ذلك من الأسباب التي تكون سببا