أراد أن يتزوجها آثار، من ذلك ما روي «عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذا خطب أحدكم المرأة، فقدر على أن يرى منها ما يعجبه فليفعل قال جابر: فلقد خطبت امرأة من بني سلمة فكنت أتخبأ لها في أصول النخل حتى رأيت منها بعض ما يعجبني، فخطبتها فتزوجتها» ولم يسمع ذلك مالك ولا صح عنده فكرهه، وأجاز ذلك ابن وهب، ولم ير به بأسا للآثار المروية فيه. وسئل أصبغ عنه وقيل له: بلغنا أن ابن وهب روى عن مالك إجازته فقال: لم يكن ابن وهب يرويه وإنما كان يقول برأيه ورواية الأحاديث.
وأما نظر الرجل إلى وجه المرأة بإذنها دون أن يغتفلها إذا أراد نكاحها، فأجازه مالك، كما يجوز له النظر إلى وجهها في الشهادة لها وعليها، ومن أهل العلم من لم يجز ذلك له، واحتج بما روي من أن «الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعلي: إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو قرنيها، فلا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الثانية» قال: فلما حرم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النظرة الثانية لكونها باختيار الناظر بخلاف الأولى التي كانت فجأة بغير اختياره، دل أنه لا يجوز لأحد أن ينظر إلى وجه امرأة إلا أن يكون بينه وبينها من النكاح أو الحرمة ما يبيح له ذلك، وقول مالك هو الصواب لأنه إنما حرم من النظر إلى وجه المرأة ما كان لغير معنى يبيحه من نكاح أو شهادة، وأما استغفاله النظر إليها فإنما كرهه مالك مخافة أن يرى منها بعض عورتها، ومن أجاز ذلك للأحاديث المروية فيه فإنما يجيزه إذا أمن ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: المرأة أيدخل عليها خصيها أو خصي زوجها صغيرا كان أو كبيرا]
مسألة وسئل مالك عن المرأة أيدخل عليها خصيها أو خصي زوجها، صغيرا كان أو كبيرا؟ قال: أما ما تملك، فلا بأس به، وأما خصيان زوجها فإني أرجو أن يكون خفيفا، قيل له: فخصيان غيره؟ فكأنه كرهه وقال: خصيان زوجها أبين عندي، قال ابن القاسم: