للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماء الكثير تنجسه النجاسة اليسيرة، وقد روى علي بن زياد، عن مالك في المجموعة نحوه، فقف على ذلك، وبالله التوفيق.

[مسألة: وقع في الجب أو البئر من النجس ثم يعجن به العجين أو يطبخ به قدر]

مسألة وسئل ابن القاسم عما وقع في الجب أو البئر من النجس، ثم يعجن به العجين، أو يطبخ به قدر، أو يصنع به شيء من الطعام، ثم يعلم به، أيؤكل ذلك الطعام؟ فقال ابن القاسم: أما ما عجن به من الطعام فلا يؤكل، وأما ما طبخ به من اللحم، فإنه يغسل ويؤكل اللحم. قال موسى: وحدثني بعض أهل العلم عن ابن عباس، عن القدر يطبخ بماء أصابه نجس، فقال: يهرق المرق، ويغسل اللحم ويؤكل، قال: فهذا الحديث قوة لابن القاسم.

قال محمد بن رشد: هذه رواية حائلة خارجة عن أصل المذهب؛ لأنه حكم للماء الكثير بحكم النجس بحلول النجاسة فيه، فقال: إن ما عجن بذلك الماء من الخبز لا يؤكل، وهم لم يقولوا ذلك إلا في موت الدابة فيه، لا في حلول النجاسة، ثم ناقض بقوله: إن ما طبخ من اللحم بذلك الماء يغسل ويؤكل، خلاف ما في رسم "النذور والجنائز" من سماع أشهب، وخلاف ما في سماع يحيى من كتاب الصيد في مسألة البيض يسلق، فيوجد في إحداهن فرخ.

وغسل اللحم لا يصح إذا طبخ بماء نجس؛ لمخالطة النجاسة لجميع أجزائه ومداخلته إياها، وإنما يصح غسله إذا سقطت فيه النجاسة بعد طبخه، وهو الذي روي عن ابن عباس فيما رأيت، فأرى هذه الرواية عنه غلطا، والله أعلم.

روي عن علي بن مسهر أنه قال: كنا عند أبي حنيفة، فأتاه عبد الله بن المبارك فقال له: ما تقول في رجل كان يطبخ قدرا، فوقع فيه طائر فمات؟ فقال أبو حنيفة لأصحابه: ما تقولون فيها؟ فرووا له عن ابن عباس أنه قال: يهرق المرق، ويؤكل اللحم بعد غسله، فقال أبو حنيفة: هكذا نقول، إلا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>