في ركباته ومع قاضيه قال مالك: بلغني أن عمر بن عبد العزيز كانت له ركبتان في الجمعة، فكانت إحدى ركبتيه لا يركب معه فيها أحد إلا من بلغ الأربعين سنة، والأخرى يركب معه أخلاط الناس، وكان عمر إذا أراد الحج والعمرة خرج معه قاضيه حتى إذا بلغ الشجرة رده، وأجازه بمائة دينار وحلته التي عليه.
قال محمد بن رشد: إنما كان يختص في إحدى ركبتيه بمن بلغ الأربعين سنة؛ لأن الأربعين سنة هي سن الاستواء التي قال الله عز وجل فيها:{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ}[القصص: ١٤] أي تناهى شبابه وتم خلقه واستحكم عقله {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}[القصص: ١٤] بدليل قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}[الأحقاف: ١٥] فأراد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن يختص في ركبته الواحدة بهم أن يتمكن مما يريده من تفقد أحوالهم؛ وليتمكنوا هم أيضا مما يريدونه من طلب حوائجهم، وكان إذا خرج إلى الحج والعمرة يخرج معه قاضيه إلى الموضع الذي ذكره ليوصيه في مشيه معه إليه بما يصنع بعده، ثم يرده ويجيزه بما كان يجيزه به لتبسط به نفسه، ويقوى بذلك على التفرغ للإمرة، وبالله التوفيق.
[تعريف البضع والأشد]
في البضع والأشد قال مالك: بلغني أن البضع ما بين ثلاث سنين إلى تسع