سنين، وقد طرح يوسف في الجب وهو غلام، والأشد الحلم.
قال محمد بن رشد: ما قاله مالك ما بين ثلاث سنين إلى تسع سنين فيما بلغه، يريد والله أعلم فيما بلغه عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في تفسير قوله عز وجل:{الم}[الروم: ١]{غُلِبَتِ الرُّومُ}[الروم: ٢]{فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}[الروم: ٣]{فِي بِضْعِ سِنِينَ}[الروم: ٤] وذلك أن المسلمين كانوا يحبون أن تغلب الروم فارس؛ لأنهم أهل كتاب كلهم، وكان المشركون يحبون أن تغلب فارس الروم؛ لأنهم أهل أوثان كلهم، وكانت فارس قد غلبت الروم، فلما أنزل الله عز وجل:{الم}[الروم: ١]{غُلِبَتِ الرُّومُ}[الروم: ٢] قال أبو بكر الصديق للمشركين: إن الروم ستغلب فارس وراهنهم في ذلك على ست سنين، وذلك قبل أن يحرم الخطار، فأخبر أبو بكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما راهن عليه المشركين من أن الروم ستغلب فارس إلى ست سنين، فقال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ألا احتطت فيه فإن البضع ما بين ثلاث إلى تسع» ، وقد قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: البضع ما بين الواحد إلى الأربعة، وقال الخليل بن أحمد: هو ما بين الثلاث إلى العشرة، والصحيح ما في الحديث من أنه ما بين الثلاث إلى التسع.
وأما قوله بأن يوسف طرح في الجب وهو غلام فهو نص ما في القرآن، قال الله عز وجل:{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ}[يوسف: ١٩] .
وأما الأشد فمعناه الشدة والقوة في البدن، وقد اختلف في حده، فقيل الحلم وهو الذي ذهب إليه مالك؛ لأنه الحد الذي تكتب له فيه الحسنات وعليه السيئات، وقيل العشرون عاما، وكان ابن عباس يقول الأشد ثلاث