بذلك حق سيده، باختدامه إياه إلى حين موتها، كما لا يبطل حق من أخدم عبدا حياته بقتل من قتله متعمدا من أجل أنه مات بأجله، إذ ليس ذلك بعلة، ولو صح أن يكون ذلك علة لما وجب القصاص على من قتل عمدا، ولا لزم من قتل عبد رجل شيء، ولكان لقاتل العمد ميراث من قتل عمدا.
وقول ابن دحون أيضا ويختدمه السيد أو ورثته بقدر الجناية ليس بصحيح، إذ لو وجب أن يعتق على مذهب ابن القاسم لما كان له ولا لورثته أن يختدموه بقدر الجناية كما قال، لأن الذي عليه قيمة الدابة فلا يجوز أن يختدم بها، إذ لا يختدم الحر في الدين، وإنما يؤخذ من ماله أو يتبع به دينا في ذمته إن لم يكن له مال، ولو قتل الدابة أجنبي عمدا أو خطأ لعتق العبد مكانه، قال ذلك في كتاب ابن المواز، ولا اختلاف في ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى فقال إن مت فغلامي حر]
مسألة وقال في رجل أوصى فقال: إن مت فغلامي حر، وإن صححت فغلامي فلان لغلام له آخر حر، فمات فأقام أحدهما شاهدين أنه مات وهو صحيح، وقد صح وأقام الآخر شهودا أنه هلك من مرضه، فأرى أن يعتق من كل عبد منهما نصفه، لأن العتق قد ثبت لواحد منهما، ونحن لا ندري من هو منهما، فيعتق من كل واحد منهما نصفه، إلا أن يكون بعض الشهداء أعدل فيقضي للذي هو أعدل شهودا، قال أصبغ: بل أرى الشهادة شهادة الصحة، وأراه أولا وهو المثبت له الوصية إذا قطعوا الشهادة بصحته، فهذا علم يغلب على علم الآخرين، كما لو شهد عليه في مرضه بوصية فاجتمعوا على الوصية له، وإن اختلفوا في الشهادة، فقال بعضهم صحيح العقل، وقال الآخر غامر العقل، فهم أولى؛ لأنهم علموا ما لم يعلم الآخرون.