والنظير صواب في ذاته ليس بصواب، إذ لا فرق بين المسألتين، لأنه إذا قال اخدم فلانا ما عشت أنا، فإن مات فلان قبلي فأنت حر، وإن مت قبل فلان فأنت حر إلى موته، فهو في المعنى كما قال له: أنت حر إذا مات فلان، وله خدمتك حياتي، فإذا كان هذا هو المعنى المفهوم من اللفظ فالحكم له دون اللفظ.
وقول ابن القاسم: إذا قتل العبد الدابة التي جعل حرا بعد موتها: إنه لا يعجل له العتق ويخدم إلى قدر ما تعمر إليه الدابة هو الصواب، وقول سحنون: إنه يعجل له العتق بعيد، وقياسه ذلك على أم الولد تقتل سيدها ليس بصحيح، لأن أم الولد إنما فيها من الرق ما لسيدها فيها من الاستمتاع، وهو يبطل لقتلها إياه كما يبطل بموته، إذ يستحيل أن يستمتع بها بعد موته أو قبله، فإذا بطل بقتلها إياه وجبت حريتها، والخدمة التي له في العبد إلى موت الدابة ليس للعبد أن يبطلها على السيد فيستعجل حريته بقتله إياها، فوجب أن يستوفيها بعد قتله للدابة إلى القدر التي تعمر إليه، إذ ليس بمستحيل، وكذلك يجب لو أعتق رجل عبده إلى موت رجل فقتل العبد ذلك الرجل أن لا يعتق إلا إلى حد تعميره، ومسألة المدبر يقتل سيده هي التي تشبه هذه المسألة، مسألة أم الولد، لأن المدبر لما أراد أن يتعجل العتق من ثلث سيده بقتله إياه حرم ذلك، وهذا إذا أراد أن يتعجل العتق بقتله للدابة، فوجب أن يحرم ذلك كما يحرم قاتل العمد الميراث لما أراد من استعجاله إياه قبل وجوبه له، وقد رأيت لابن دحون أنه قال: الصواب ما قال سحنون: إنه إذا قتله متعمدا أن يعتق ويختدمه السيد أو ورثته بقدر الجناية عند ابن القاسم، ولا يعمر الحمار ويخدم العبد قدر ما بقي من عمره؛ لأنه لما قال له: أنت حر إلى موت حماري، فمعناه إلى موته بأجله الذي قدره الله له، فالله جل ذكره قد سبب موت الحمار بتعدي العبد عليه، فقد مات الحمار بأجله، فالعبد يعتق والجناية تلزمه عند ابن القاسم، وعلى قول سحنون وأشهب: لا شيء عليه في الجناية، وليس قول ابن دحون بشيء، لأن الدابة وإن ماتت بأجلها إذا قتلها فقد تعدى بقتله إياها فوجب أن لا يبطل