قال محمد بن رشد: قوله فقال أبو الرجال، يريد فقال لمالك أبو الرجال؛ لأنه حديث مالك عن أبي الرجال أدخله في موطئه في باب الجائحة في بيع الثمار والزروع ليبين أن الوضيعة إذا دخلت على المشتري من غير جائحة جرت عليه في الثمن لا رجوع له على البائع؛ لأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنما ندب البائع إلى الوضع ولم يوجب ذلك عليه.
ولا اختلاف في أن ذلك لا يجب عليه، ولذلك أبى عبد الله بن عمر أن يقيل الذي باع منه ثمر حائطه أو يضع عنه، وأما إذا جرت على الثمر جائحة قبل تناهي طيبها وإمكان جذاذها فمذهبه وجوب وضع الجائحة إذا بلغت الثلث فأكثر، لما جاء من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بوضع الجوائح بهذا بحديثه هذا، وقال: أدخله في موطئه في باب وضع الجائحة، وليس فيه الأمر بالوضع، وإنما فيه الندب إلى ذلك، ولم يدخله مالك فيه إلا ليبين أن الوضيعة إذا دخلت على المشتري بغلة الإصداق أو انحطاط الأسواق فلا حجة له بذلك على البائع، بخلاف إذا أجيحت الثمرة، وبالله التوفيق.
[فضائل عمر بن عبد العزيز]
في ما يحكى من فضائل عمر بن عبد العزيز قال مالك: قال ابن حبان، وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز على المدينة: ما جاءني رسول لعمر بن عبد العزيز إلا بخبر خير، قال مالك: بلغني أنه قال لعمر بن عبد العزيز: أوص، فقال: ما لي من مال أوصي فيه صغار ولدي إلى كبارهم.
قال محمد بن رشد: ليس في هذا إلا ما هو معلوم من فضائل عمر بن عبد العزيز، وبالله التوفيق.