ومن كتاب أوله سن رسول الله وسئل مالك عن الاشتراء من أهل الذمة، وهم يلزمون بالخراج، فقال: إني لأكره الاشتراء منهم على هذه الحال، وعلى وجه الضغطة، فأما إذا لم يكن على هذه الحال، فلا أرى به بأسا، وقال ابن القاسم: قال مالك في الذي يضغط في الخراج، فيبيع بعض متاعه على وجه الضغطة. قال ابن القاسم: أرى أن يرد عليه ما باع بغير ثمن يؤخذ منه إذا كان بيعه إياه على عذاب أو ما أشبهه من الشدة؛ لأن أخذه الذهب على تلك الحال ليس بأخذ، ولا أرى لمشتري ذلك أن يستحله، ولا يحبسه.
قال محمد بن رشد: إنما يرد عليهم ما اشترى منهم على وجه الضغطة إذا كان الذي يطلبون به ويضغطون فيه ظلما وتعديا، أو كانوا فقراء لا يلزمهم ما وجب عليهم حتى يوسروا، فيبيع عليهم ما لا يلزم بيعه، كثوب يستتر به وشبهه، فهذا يلزم مشتريه رده؛ لأنه بيع عليه ظلما، فأما أن يباع عليه شيء في حق واجب عليه من جزيته أو من غير جزيته تحت الضغط والإكراه، فلا يرد عليه، وهو سائغ لمن اشتراه منه، وقد كان ينبغي أن يترفق بهم في تقاضي ذلك منهم، وألا يعذبوا، وسبيل المضغوط من المسلمين على بيع متاعه في غير حق سبيل الذمي في رد ماله عليه بغير ثمن، بل هو في المسلم أشد؛ لأن حرمته أعظم، قال ذلك ابن حبيب، وحكاه عن مالك من رواية ابن القاسم عنه، وعن مطرف، وابن عبد الحكم، وأصبغ.
وسواء علم المشتري في ذلك أنه مضغوط أو لم يعلم، قال ذلك ابن القاسم، عن مالك في المبسوطة، وسواء وصل الثمن من المبتاع إلى المضغوط، فدفعه المضغوط إلى الظالم، أو جهل هل دفعه إليه أو أدخله في منافعه، أو كان الظالم هو الذي تولى قبضه من المبتاع، للمضغوط في