للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[: العطية من بيت المال]

ومن كتاب

تأخير صلاة العشاء قال ابن القاسم: وقال مالك: كان رجال ببلدنا هذا من أهل الفضل والعبادة، يردون العطية يعطونها، حتى إن كان بعضهم ليؤامر نفسه، يعني بذلك إن كان يرى أن له عنها غنى.

قال محمد بن رشد: يريد بالعطية التي كانوا يردونها ولا يقبلونها العطية من بيت المال. والله أعلم.

وفي قوله: حتى إن كان بعضهم ليؤامر نفسه - نظر؛ لأن الذي يرد العطية ولا يؤامر نفسه في ذلك، أزهد فيها من الذي يؤامر نفسه في أخذها أو ردها، و"حتى" غاية تدل على أنه أراد منهم من يرى في الزهادة والعبادة، على الذين يردونها ولا يقبلونها، فكان وجه الكلام أن يقول: حتى إن كان بعضهم لما يؤامر نفسه في قبولها فيردها، وإن كان يرى أنه لا غنى به عنها، وردهم إياها يحتمل أن يكون زهادة فيها مع جواز أخذها لهم، لا كراهية فيه، إذا كان المجبى حلالا وقسم بوجه الاجتهاد، دون أثرة ولا محاباة، وهذا نهاية في الزهد والفضل؛ لأنه يترك حقه الجائز به أخذه ويؤثر به غيره ممن يعطاه، وإن كانت به حاجة إليه. من الصنف الذين أثنى الله تعالى عليهم في قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] .

وإن كان المجبى حلالا ولم يعدل في قسمته فمن أهل العلم من يكره الأخذ منه، وأكثرهم يجيزه، وأما إن كان المجبى يشوبه حلال وحرام، فمن أهل العلم من يجيز الأخذ منه، وأكثرهم يكرهه، وأما إن كان المجبى حراما فمن أهل العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>