الذمة بالحرام. وكذلك لو غصبه دنانير أو دراهم أو طعاما فغاب عليه ولم يعرف بعينه لساغ له أن يضمنه في ذلك كله المثل على ما يوجبه القياس والنظر. لأنه لا يدخل على أهل بياعاته بما أخذ نقصا. وأما لو جنى على دابة رجل فقتلها أو على ثوبه فخرقه أو أفسده لما ساغ له أن يضمنه القيمة في ذلك إلا على مذهب من يرى أن مبايعة من استغرق ذمته الحرام وقبول هبته وأكل طعامه جائز لوارثه سائغ؛ لأن الحرام قد ترتب في ذمته وليس في غير المال الذي بيده، إذ ليس هو المغصوب بعينه. وكذلك لا يسوغ لأحد أن يأخذ منه أجرة في خدمته إياه، ولا لحجام إجارة في حجامته إلا على هذا القول؛ لأنهم يدخلون بذلك على أهل بياعاته نقصا. ولو كان فيما يتعلق بماله لجرى ذلك مجرى مبايعته على الاختلاف الذي ذكرناه في سماع عبد الملك، وبالله التوفيق.
[خدمة الرجل أصحابه في السفر]
في خدمة الرجل أصحابه في السفر وسمعته يقول: خرج عمر بن الخطاب إلى الحج، فلما كان ببعض المناهل نام أصحابه فقام من الليل فعبأ على إبله وإبل أصحابه وهو يرتجز ويقول:
لا يأخذ الليل عليك بالهم ... والبس له القميص فيه واعتم
وكن شريك رافع وأسلم ... ولتخدم الأقوام حتى تخدم
قال محمد بن رشد: في هذا تواضع عمر بن الخطاب مع أصحابه وخدمته إياهم ومباشرته لهم وحسن جريه معهم، وما كان عليه من حسن الأخلاق وكرم الطباع. وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن