قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه أحفظه، إذ ليس ذلك منها كتعجيز المكاتب نفسه، وله مال ظاهر أن لا ترجع رقيقا باختيارها أن تكون أم ولد لسيدها ولا تنقل بذلك ولاءها عنه، ولا فيه ضرر على أحد إذا لم يكن معها أحد في كتابتها، فوجب أن يكون ذلك لها، ولو كان معها أحد في كتابتها لم يكن ذلك إلا برضاهم إلا أن تكون هي أقدر على السعي منهم وتخاف عليهم العجز بذلك، فلا يكون ذلك لهم وإن رضوا، وقال بعض الرواة: لا يكون ذلك لها وإن رضوا ورضيت، إذا كان قبلهم من السعي ما قبلها؛ لأنه لا يدري ما يئول إليه مالهم، وإذا رجعت أم ولد برضاها ورضاهم حط عنهم من الكتابة مقدار حصتها، وسواء على مذهب مالك وطئها طائعة أو أكرهها ويؤدب في الحالتين جميعا إلا أن يعذر بحبها له، وأدبه في استكراهه أشد.
وقال سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي: إذا وطئ الرجل أمته فحملت كانت أم ولد له وبطلت كتابتها.
وقال ربيعة: إن طاوعته بطلت كتابتها وكانت أم ولده، وإن أكرهها فهي حرة، وَوَلَدُهَا على كل حال لَاحِقٌ به، وهذا كله في المدونة، وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى أن يكاتب عبده ويعطي رجل سماه عشرة دنانير]
مسألة وسئل: عن رجل أوصى أن يكاتب عبده ويعطي رجل سماه عشرة دنانير، وليس له مال غير العبد.
قال: يقال للورثة: أتجيزون ما أوصى به الميت؟ فإن قالوا: نعم، نجيز ذلك، وإن قالوا: نحن نجيز الكتابة ولا نجيز ما أوصى به الميت لهذا الرجل، قيل لهم: كاتبوه، ثم يقال لهم: إنما لكم من هذا المكاتب الثلثان وليس لكم الثلث، فاختاروا، فإن شئتم فادفعوا إلى هذا