للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أم لا؟ فقد كان يختلف في ذلك عندنا، وهذه المسألة أصل ذلك، وأما من قدم بلاد الإسلام بغير أمان، فزعم لَمَّا أُخِذَ فيما قرب أو بعد أنه أتى للتجارة أو طالبا لأمان، أو راغبا في فدية أسير، أو ما أشبه ذلك مما تقتضيه هذه المسألة، فقد مضى القول فيها محصلا مستوفى موعبا في أول رسم الجواب، من سماع عيسى، فأغنى ذلك عن إعادته.

[مسألة: أخذ المسلمون يهودا مقبلين من بلاد الإفرنج فادعوا الذمة لصاحب الأندلس]

مسألة قلت له: فلو أخذوا في البحر مركبا فيها يهود مقبلون من بلاد الإفرنج أو غيرها من بلاد الشرك، فلما أخذوا قالوا: نحن ذمة لصاحب الأندلس، وإليه نؤدي الجزية، قال: يُكلفوا البينة على ما ادعوا من ذلك، فإن بينوا ذلك لم يعرض لهم، وإلا كانوا فيئا، قلت: فإذا ثبت أنهم ذمة لصاحب الأندلس، وادعوا على الذين أخذوهم أنهم أخذوا منهم أموالا، قال: إن كان الذين أخذوهم قوما أمناء صالحين مأمونين، فلا يمين عليهم، وإن كانوا ناسا غير مأمونين استُحلفوا.

قال محمد بن أحمد: إنما قال: إنهم يكونون فيئا إن لم يبينوا ما ادعوا، من أجل أنهم ادعوا ما لا يشبه؛ لوجودهم مقبلين من بلاد الإفرنج؛ إذ لا ينبغي أن تؤخذ الجزية إلا ممن هو في بلاد المسلمين، أو حيث يمكن أن تجرى عليهم أحكامهم على ما قال ابن وهب في سماع زونان بعد هذا؛ لقول الله عز وجل: {عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] ، ولو ادعوا ما يشبه، وضعفوا عن إثبات ذلك؛ لوجب أن لا يستباحوا إلا بيقين، وأن يوقفوا وما وجد معهم حتى يكتب في خبرهم إلى حيث يتحقق به صدقهم من كذبهم، فيعمل على ذلك، وإنما قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>