في العزل وعن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يعزل.
قال محمد بن رشد: يحتمل أن يكون ابن عمر كان لا يعزل ولا يكره العزل، ويحتمل أن يكون كان لا يعزل لأنه يكره العزل وهو الأظهر، لأن ذلك معلوم من مذهبه. وقد اختلف الصحابة في ذلك فمن بعدهم، فمنهم من كرهه لما روي من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عنه فقال:«ذلك الوأد الخفي» ولما روي عنه من كراهة نزع الماء عن محله في العشرة الأشياء التي كان يكرهها.
والذي عليه جمهور الصحابة إباحة العزل، وقد ذكر ذلك عند عمر بن الخطاب فقال بعض من عنده: إن اليهود تزعم أنها الموءودة الصغرى، فقال علي بن أبي طالب: إنها لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع، وتلا:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ}[المؤمنون: ١٢]{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ}[المؤمنون: ١٣] إلى آخر الآية، فقال له عمر بن الخطاب: صدقت أطال الله بقاءك. ويقال: إن أول من قال في الإسلام أطال الله بقاءك عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - في هذه الحكاية.
والذي عليه جمهور العلماء بالأمصار مالك وأصحابه والشافعي وأبو حنيفة إباحة العزل على «حديث أبي سعيد الخدري قال: خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة وأحببنا الفداء وأردنا أن نعزل فقلنا: نعزل ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أظهرنا قبل أن نسأله، فسألناه عن ذلك فقال: ما عليكم ألا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة