تجوز حينئذ، ومن الدليل على هذا القول ما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا تجوز شهادة البدوي على القروي» .
وقد قال بعض من أجاز شهادته عليه، وصحح الحديث: معناه في أهل البادية الذين لا يجيبون إذا دعوا، وليسوا على شرط أهل العدالة من أهل الحاضرة، وليس ذلك ببين، إذ لو كان معنى الحديث هذا، لقال فيه لا تجوز شهادة البدوي مطلقا.
ومن هذا المعنى شهادة العالم على العالم، وقع في المبسوطة من قول عبد الله بن وهب لا تجوز شهادة القارئ على القارئ؛ لأنهم أشد الناس تحاسدا وتباغيا، وقاله سفيان الثوري ومالك بن دينار.
[: غلام بالبادية ادعى على سيده الميت التدبير وأقام شهودا من البادية]
ومن كتاب أوله كتب عليه ذكر حق وسئل مالك: عن رجل كان يتجر في البادية فهلك بها، فقام غلام له كان معه فادعى التدبير، وأقام شهودا من البادية، فقال: إذا كانوا عدولا جازت شهادتهم.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال وهو مما لا اختلاف فيه، وقد مضى في المسألة التي قبل هذه بيان ذلك، فلا معنى لإعادته، بالله التوفيق.
[: الرجل يأتي بشهداء عدول على الرجل في حق فيجرحهم الآخر]
ومن كتاب أوله الشجرة تطعم بطنين في السنة وسئل مالك: عن الرجل يأتي بشهداء عدول على الرجل في حق، ويأتي المشهود عليه بشهود على الذين شهدوا عليه أنه بينه وبينهم عداوة فترد شهادتهم عنه، أفترى أن يحلف؟ قال: إذا ردت شهادتهم فهم بمنزلة من لم يشهد عليه، وكأنه رأى أن لا يحلف، وقال سحنون مثله.