ابن مائة وسبع وخمسين سنة في أول خلافه معاوية، وبالله تعالى التوفيق لا شريك له.
[الدراهم لا تغير لما فيها من أسماء الله عز وجل]
في الدراهم لا تغير لما فيها من أسماء الله عز وجل وسئل مالك عن تغيير الدراهم لما فيها من كتاب الله، قال مالك: كان أول ما ضربت الدراهم على عهد عبد الملك بن مروان والناس متوافرون، فما أنكر ذلك أحد، وما علمت أن رجلا من أهل الفقه أنكره ولا أرى به بأسا. قال مالك: ولقد بلغني أن ابن سيرين كان يكره أن يبيع بها أو يشتري بها، وما ذلك من شأن الناس وما أرى به بأسا.
قال محمد بن رشد: إنما لم ينكر سلف الإسلام الدنانير والدراهم المضروبة لما فيها من أسماء الله عز وجل. وأجازوا البيع والشراء بها وإن كان ذلك يؤدي إلى أن يمسها الطاهر والنجس واليهودي والنصراني، من أجل ما فيها من المنفعة العامة لجميع المسلمين، لأنهم يميزون بالسكك طيب الذهب والفضة ويعرفون بها مقدار فضل بعضها على بعض في الطيب، فتصح فيها البيوع فيما بينهم، لأن النقر والاتبار من الذهب والفضة لا يميز الخالص منها من غير الخالص إلا الصيارفة والخاص من الناس بعد الاختبار.
فلو قطعت السكك وحمل الناس على التبايع بأتبار الذهب والفضة لفسد كثير من بيوعهم ووقع فيها فيما بينهم الغش والخديعة. ويكره للرجل في خاصة نفسه أن يشتري بالدنانير والدراهم المضروبة شيئا من اليهود والنصارى لما فيها من أسماء الله عز وجل، فقد كره ذلك مالك في كتاب التجارة إلى أرض الحرب من المدونة، وأعظم أن يعطاها نجسا. فمن امتنع من ذلك تعظيما لأسماء الله عز وجل أجر، ومن فعله لم يأثم لما في ذلك من الحاجة. وقد