صدقت في الأولى وما كذبت في الثانية: إن من البيان لسحرا» أي إن من بعض البيان لسحرا، فالحظ لمن كان من أهل الشعر وسهل عليه القول أن يتركه ويشتغل بما سواه من ذكر الله عز وجل وتلاوة القرآن وما يعنيه من أمر دينه ودنياه. فقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» وهذا الذي أراده عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من الشعر، ولذلك كتب إلى أبي موسى الأشعري أن يجمعهم ويسألهم عن الشعر ويحضر لبيدا لذلك ليسمعوا قوله له توبيخا لهم. وكان لبيد بن ربيعة العامري الشاعر من فحول الشعراء شريفا في الجاهلية والإسلام، ممن سلم فحسن إسلامه. وقيل إنه لم يقل منذ أسلم شعرا إلا قوله:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
وقد قيل إن هذا البيت لغيره، وإن الذي قاله هو في الإسلام هو قوله:
ما عاتب المرء الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه القرين الصالح
وقد قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
» وهو شعر حسن فيه ما يدل على أنه قاله في الإسلام، والله عز وجل أعلم، وذلك قوله:
وكل امرئ يوما سيعلم سعيه ... إذا كشفت عند الإله المجاهل
وكان لبيد هذا من المعمرين، مات وهو ابن مائة وأربعين سنة، وقيل