فالفرق بين الموضعين أنه باع منه منافع العلية ولم يبع منه ماء البير، وإنما أكرى منه دارا فيها بير لها ماء ينتفع بما شاء منه إن شاء، وذهب ابن العطار أيضا إلى أن من باع دارا وفيها مطاحن مبنية يكون للمبتاع السريد والحجر الأسفل وللبائع الحجر الأعلى قياسا على ما قاله بعض الشيوخ أن معنى قوله في المدونة: لا شفعة في الأرحى، إنما يعني بذلك الحجر الأعلى، وأما الحجر الأسفل ففيه الشفعة؛ لأنه من البناء كقدر الحمام، وهي تفرقة لا وجه لها، إذ لا ينتفع بأحد الحجرين دون الآخر، فعلى ما في المدونة لا شفعة فيهما، وعلى رواية عيسى عن ابن القاسم في رقيق الحائط فيهما الشفعة، وأما المطاحن المبنية في الدار المبيعة فالصواب أنها للبائع، ولا يعتبر بكونها مبنية في الدار إذ ليست من بناء الدار ولا من أنقاضه، وإنما هي عروض للبائع لا يستحقها المبتاع بكونها منصوبة في الدار التي ابتاع، وبالله التوفيق.
[مسألة: كراء الدار سنة واختلاف المتكاريين في دفع الأجرة]
مسألة قال ابن القاسم: قال مالك: إذا تكارى الرجل الدار سنة بعينها فسكن سنة ثم جاء صاحب الدار عند انسلاخ السنة يطلب منه الكراء، فقال: قد قبضته مني، لم يقبل قوله عليه، وعليه كراء تلك السنة، إلا أن يأتي منه ببراءة إذا قام عليه بحدثان ذلك، وإن طال ذلك بعد انسلاخ السنة ثم جاءه بعد ذلك يطلب منه كراء السنة، فقال: قد دفعته إليه، كان القول قوله، ولم يكن لصاحب