الجامع في سائر الأمصار فضل على سائر المساجد بها. ووجه ثان وهو الاتباع، إذ لم يرو أنه جمع في المدينة في الزمن الأول إلا في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتضعيفه في هذه الرواية للجمع فيما سوى مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينحو إلى رواية زياد عنه وهي قوله: وأظن أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء؛ لأن المسجد لم يكن يحبس مطرا ولم يكن حول المسجد عمارة، فلو ترك الناس الجمع اليوم لم أره خطأ.
[مسألة: أحرم بالصلاة خلف الإمام فكبر ورفع يديه حذو صدره]
مسألة قال: ورأيت مالكا أحرم بالصلاة خلف الإمام، فكبر ورفع يديه حذو صدره ولم يبلغ بهما منكبيه، فلما هوى راكعا كبر ولم يرفع يديه، فلما رفع رأسه من الركوع لم يرفع يديه، لم أره يرفع يديه إلا في تكبيرة الإحرام وحدها، فإني رأيته يرفع يديه فيها حذو صدره لا تبلغ حذو منكبيه، ورأيته إذا نهض من السجدة الأخرى من الركعة الأولى ومن الركعة الثانية نهض كما هو قائما ولم يجلس ثم ينهض، فإذا سلم الإمام فقضى سلامه سلم مالك عن يمينه، فقال: السلام عليكم، ثم سلم عن يساره، فقال: السلام عليكم، ثم رد على الإمام وقال: السلام عليكم، سلامه عن يمينه وعن يساره وعلى الإمام سلام واحد، يقول: السلام عليكم، ثلاثا، إلا أنه بدأ عن يمينه ثم عن يساره ثم على الإمام.
قال محمد بن رشد: رفع مالك يديه في افتتاح الصلاة نحو صدره لا يبلغ بهما منكبيه هو نحو قوله في " المدونة ": إنه يرفعهما في ذلك شيئا خفيفا، وله في " المختصر " أنه يرفعهما حذو منكبيه مثل ما في حديث ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومثله في كتاب ابن شعبان، قال ابن وهب: صليت مع مالك في بيته فرأيته يرفع يديه في أول ركعة، وكان إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع