يلزمه أن يقول هو من أهل العدل؛ لأن القطع على ذلك لا يصح، وإنما يشهد الشاهد بما يغلب على ظنه من عدالته بما ظهر إليه من أحواله، وهذا نحو قول أصبغ: لا أرى أن يقول الرجل في تعديل الرجل هو عدل، وليقل أراه عدلا، ولو قال: هو عدل ولم يقل: عندي كما قال في هذه الرواية ولا قال أراه عدلا كما قال أصبغ لجازت شهادته ولم تكن غموسا وإن كان ظاهر القطع بما لا يصح القطع عليه؛ لأن المعنى في ذلك عند الشاهد ما يغلب على ظنه من عدالته، ولا يدخل في هذا عندي الاختلاف الحاصل فيمن شهد لمستحق عرض من العروض أنه ما باع ولا وهب حسبما مضى القول فيه في رسم الأقضية لابن كنانة من سماع أشهب، واختار أن يقول المعدل في تعديل الشاهد هو عندي من أهل العدل والرضى فجمع بين اللفظين؛ لأن الله قال في موضع:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] . وقال في موضع:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] فإن اقتصر على أحذ اللفظين اكتفي به؛ لأن الله قد ذكر كل لفظ منهما على حدة فكان ذلك كافيا في صفة الشاهد الذي يجوز قبول شهادته؛ لأن من كان من أهل العدل فهو من أهل الرضى ومن كان من أهل الرضى فهو من أهل العدل، وبالله التوفيق.
وقوله: أليس على القاضي أن يسأل الشهود المزكين هل يرضون بشهادته لهم وعليهم صحيح أن ذلك ليس عليه، بل الأظهر أن ذلك لا ينبغي له إذ قد يكونون عنده من أهل العدل والرضى ولا يرضى بشهادتهم عليه لعداوة بينه وبينهم، وبالله التوفيق.
[مسألة: لا يجوز في التزكية إلا المبرز الناقد الفطن الذي لا ينخدع في عقله]
مسألة قيل: أرأيت كل من تجوز شهادته هل تجوز تزكيته؟ قال: لا ليس هو كما ذكرت، وتجوز شهادة الرجل ولا تجوز تزكيته،