وإلى إجازة ذلك ذهب ابن المواز أيضا. وروى زياد عن مالك في لبن الحمارة أنه لا بأس به، فيحتمل أن يريد أنه لا إعادة على من صلى به في ثوبه أو بدنه، ويحتمل أن يريد أنه لا بأس بالتداوي به لمن احتاج إليه. وقد مضى الكلام على هذه المسألة أيضا في رسم الجنائز والصيد من سماع أشهب من كتاب الصيد والذبائح، وفي رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة، وفي سماع يحيى من كتاب الوضوء، وبالله التوفيق.
[قراءة القرآن بالألحان]
في قراءة القرآن بالألحان وسئل عن القراءة بالألحان، فقال ما يعجبني لأن ذلك يشبه الغناء ويضحك بالقرآن ويسمى ويقال فلان أحسن قراءة من فلان. قال مالك: ولقد بلغني أن الجواري قد علمن ذلك كما يعلمن الغناء، قال ولا أحب ذلك على حال من الأحوال في رمضان ولا في غيره، أين القراءة التي يقرأ هؤلاء من القراءة التي كان يقرؤها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال مالك: وإني لأكره التطريب في الأذان، ولقد هممت أن أكلم أمير المؤمنين في ذلك لأني كنت أسمعهم يؤذنون.
قال محمد بن رشد: كراهة مالك قراءة القرآن بالألحان بينة؛ لأن ذلك يشبه الغناء على ما قال. وقد سئل في رسم حلف من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة عن النفر يكونون في المسجد فيقولون لرجل حسن الصوت اقرأ علينا، يريدون حسن صوته، فكره ذلك وقال هذا يشبه الغناء، فقيل له: أفرأيت الذي قال عمر لأبي موسى: ذكرنا ربنا، فقال: إن من الأحاديث أحاديث قد سمعتها وأنا أتقيها، والله ما سمعت هذا قبل هذا المجلس. وإنما اتقى مالك من حديث عمر بن الخطاب هذا وما أشبهه أن يتحدث به فيكون