ذلك ذريعة إلى استجازة قراءة القرآن بالألحان تلذذا بحسن الصوت. وأما استدعاء رقة القلوب وشدة الخشوع في سماع قراءة القرآن من الحسن القراءة المحسن للتخشع في قراءته فلا مكروه في ذلك. وقد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي يتغنى بالقرآن» أي ما استمع لشيء ما استمع لنبي يحسن صوته بالقرآن طلبا لرقة قلبه بذلك. وعلى هذا يحمل ما جاء عن عمر بن الخطاب في قوله لأبي موسى الأشعري [ذكرنا ربنا أنه إنما أراد أن يسمع القرآن لحسن صوته ليخشع بذلك قلبه، وقد «قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي موسى الأشعري] تغبيطا بما وهبه الله عز وجل من حسن الصوت: لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود» . وقد قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» فقيل معناه ليس منا من لم يحرص على سماع القراءة الحسنة ويتلذذ بها لما يجد من الخشوع عندها كما يلتذ أهل الأغاني بأغانيهم؛ وقيل معناه من لم يستغن به أي من لم ير أنه أفضل حال من الغني بغناه؛ وقيل معناه من لم يحسن صوته بالقرآن استدعاء لرقة قلبه بذلك. وقد قيل لابن أبي مليكة أحد رواة الحديث: فمن لم يكن له حلق حسن؟ قال يحسنه ما استطاع. وقد مضى في رسم حلف من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب ومن كتاب الصلاة زيادات في هذا المعنى، وبالله التوفيق.