الذي عليه أهل المدينة التي هي دار الهجرة، دليل على أن إجماعهم عنده حجة، فيما طريقه الاجتهاد، وأن اجتهادهم مقدم على اجتهاد غيرهم، والذي عليه أهل التحقيق، أن إجماعهم إنما يكون حجة فيما طريقه التوقيت، أو أن يكون الغالب منه أنه عن توقيت، كإسقاط زكاة الخضراوات؛ لأنه معلوم أنها كانت في وقت النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولم ينقل أنه أخذ منها الزكاة، فلما أجمع أهل المدينة على ذلك، وجب أن يعمل بما أجمعوا عليه من ذلك، وإن خالفهم فيه غيرهم.
ومثله الأذان الذي قد كان على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واتصل العمل به في المدينة، فوجب أن يعمل بما اتصل عملهم به في ذلك، وإن خالفهم فيه غيرهم، ومثل هذا كثير.
[مسألة: يصدق المرأة صداقها فتشتري به متاعا ثم يطلقها قبل أن يجمعها إليه]
مسألة قال مالك: وذكرت ما أنكروا من قول أهل المدينة في الرجل يصدق المرأة صداقها، فتشتري به متاعا ثم يطلقها قبل أن يجمعها إليه، فأنكروا أن يكون للزوج نصف ما اشترت، وأن على الزوج إذا تزوج امرأة أن يسكنها بيتا، وليس له أن يسكنها بيتا لا سقف له، وليس له أن يسكنها بيتا ليس في ذلك البيت ما يصلحها مما يحتاجون إليه، وليس له أن يضربها، وإن الرجل إذا تزوج المرأة وأصدقها، كان عليه أن يتجهز له بما يصلح الناس في بيوتهم.
أما أن يكون الرجل مع أبويه فينتقل إلى بيت فيه من المتاع ما يصلح الناس: الفراش والقدح وما أشبه ذلك، مما لا يستغني الناس عنه، وإنما ينتقل إلى أهل وبيت، فيه ما يصلح من المتاع والفراش والقدح، وإن كان ذلك دنيا من الأمر أو مرتفعا تلك المصلحة، التي تصلح.
وإنما أعطيت الصداق لتتخذ ذلك، وتتخذ خادما، إن كان في الصداق ما يبلغ ذلك، فليس لها أن تأخذ الصداق، ولا تتخذ