سواء، وهو بين في المعنى؛ لأنهما إذا وهبتاه ميراثهما منه الغرض فيه إنما هو أن يصرفه إلى من يحب من ورثتهم سواهما أو غيرهم إذ لا حاجة به إلى ميراثهما منه سوى ذلك، فإذا لم يقض فيه بشيء حتى مات كان مردودا عليهما كما قال، بمنزلة ما لو استأذن ورثته أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه، فأذنوا له بذلك، فلم يعمل حتى مات لم يلزمهم فيما أذنوا له فيه شيء.
وقد مضى في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الشهادات القول مستوفى في هبة الوارث ميراثه في مرض الموروث أو في صحته، وسيأتي ذلك أيضا في رسم نفذها من سماع عيسى من هذا الكتاب، وفي رسم الأقضية والحبس من سماع أصبغ منه إن شاء الله.
[مسألة: يتصدق بماله كله على بعض ولده دون بعض]
مسألة وسئل عن الرجل يتصدق بماله كله على بعض ولده دون بعض، قال مالك: لا أرى ذلك جائزا قيل له: فالرجل يتصدق بالدار على بعض ولده دون بعض، وهو جل ماله، ويخرج منها ويدفعها إليه. قال: لا بأس بذلك، وغيره أحسن منه. قال سحنون: إذا كان تصدق جل ماله، واستبقى اليسير، فلم يكن فيما يستبقي من ماله ما يكفيه ردت صدقته، وإن أبقى من ماله ما فيه قوت له رأيته صدقة ماضية. قال ابن القاسم: وأنا أكره أن يعمل به أحد، فإن تصدق به وحيز منه وقبض لم يرد بقضاء، يريد الذي تصدق بماله كله.
قال محمد بن رشد: قول مالك في الذي يتصدق بماله كله على بعض ولده دون بعض: لا أرى ذلك جائزا معناه: ويرد بالقضاء، فهو ظاهر قوله، ولم يحقق ذلك من مذهبه في رسم الأقضية الثانية من سماع أشهب.