[مسألة: باع سلعة بثمن إلى أجل ثم ابتاعها بنقد بأقل مما باعها به قبل محل الأجل]
مسألة قال ابن القاسم: قال مالك في رجل باع سلعة بثمن إلى أجل، ثم ابتاعها بنقد بأقل مما باعها به قبل محل الأجل، فلم يعلم بذلك حتى فاتت السلعة وحل الأجل، قال: يفسخ البيع بينهما ولا يكون له إلا ما نقده في ثمنها.
قال محمد بن رشد: ظاهر هذه الرواية أن السلعة إذا فاتت فسخت البيعتان جميعا، ولم يكن في ذلك قيمة، كانت القيمة أقل من الثمن الذي باعها به أولا أو أكثر، إذ لم يفرق بين ذلك، وقال: إنه لا يكون للبائع الأول إلا الثمن الذي نقده؛ وإلى هذا ذهب أبو إسحاق التونسي تأويلا على ابن القاسم، وذلك بين من قوله في رسم القطعان من سماع عيسى بعد هذا. وقد قيل: إنه لا تفسخ البيعة الأولى وتصحح البيعة الثانية بالقيمة، فإن كانت أقل من الثمن الذي نقد رد إليه الزائد، وإن كانت أكثر منه أدى تمامها؛ ثم ينظر إلى هذه القيمة، فإن كانت أكثر من الثمن الذي باعها به أولا، أخذ الثمن إذا حل الأجل؛ إذ لا تهمة في ذلك؛ وإن كانت القيمة أقل من الثمن الذي باعها به أولا، لم يكن له على المشتري الأول أكثر من ذلك؛ لئلا يكون قد دفع دنانير في أكثر منها، فيتم الربا بينهما؛ وهذا يأتي على ما في سماع يحيى وسحنون من هذا الكتاب.
وقيل: إنه إن كانت القيمة أقل من الثمن الذي باعها به أولا، فسخت البيعتان، ولم يكن للبائع على المبتاع إلا الثمن الذي دفع إليه، ولم يكن في ذلك قيمة، وإن كانت أكثر من الثمن، لم تفسخ البيعة الأولى وصححت الثانية بالقيمة على حسبما ذكرناه؛ فإذا حل الأجل، أخذ الثمن؛ وإلى هذا ذهب عبد الحق تأويلا على ابن القاسم، وهو قول سحنون أيضا، واختلف بما تفوت به السلعة، فقيل: إنها تفوت بحوالة الأسواق، وهو مذهب سحنون، والصحيح أنها لا تفوت إلا بالعيوب المفسدة، إذ ليس ببيع فاسد لثمن ولا