خلاف قول ابن القاسم هو أن للثاني أن ينشئ حائطا فوق حائط الأول وإن لم يكن في الماء إلا ما يقوم به فانقطع السقي عن الأسفل على ظاهر قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يمسك الأعلى حتى يبلغ إلى الكعبين ثم يرسل على الأسفل» إذ عم ولم يخص، فوجب أن يحمل على عمومه إنشاء الأعلى قبل الأسفل أو الأسفل قبل الأعلى. وقول ابن القاسم أظهر وأولى لأن الماء إذا لم يكن فيه إلا ما يسقي به أحدهما فأحدث الثاني حائطا فوق الأول أضر بالثاني وأبطل عليه حائطه ومنعه منفعة قد سبق إليها وحازها، وقد نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الضرر والضرار فوجب أن يخص بنهيه هذا عموم قوله:«يمسك الأعلى حتى يبلغ إلى الكعبين ثم يرسل على الأسفل» فيكون مخصصا في الموضع الذي لا ضرر فيه، وهو إذا أنشأ جميعا حائطيهما معا أو أنشأ الأعلى حائطه قبل الأسفل، فإنما ذهب أصبغ بقوله إلى تبيين مراد ابن القاسم وإن كان لا يقول بقوله، وبالله التوفيق.
[مسألة: الفحص العظيم البورليس لأهل المنازل المحيطة به أن يقتسموه]
مسألة قال: وسئل عن المنازل تكون محيطة بفحص عظيم ويكون لأهل تلك المنازل فيما يلي كل منزل منها أرض غامرة تحرث، وأكثر ذلك الفحص بور يرعى فيه أهل تلك المنازل وغيرهم من المارة ويحتطبون فيه، ولا يزال بعضهم يتزيد إلى أرضه العامرة منه، وكيف إن اجتمعوا على اقتسامه؟ قال: أرى أن يترك على حاله ولا يجوز لهم اقتسامه للمنفعة التي فيه لمن بعدهم ممن يأتي وللمارة التي قد جرت فيه منفعتهم من رعيهم ومناخ إبلهم