شَأْنِكَ أن تدعو الورثة فتأمرهم يرتضون رجلًا، فإذا ارتضوه وَلَّيْتَه أمرهم يحسب بينهم، فإني قد رأيت بعض من عندنا يفعل ذلك، فهذا كله بَيِّن في أن الأولى والأحسن لِقُسَّام القاضي أن يتنزهوا ويتورعوا عن أخذ الجعل على ما يأمرهم به القاضي من القسمة؛ كما كان يفعل خارجة بن زيد ومجاهد، ومن هذا المعنى جعل الشرط على الناس فيما يبعثون فيه من أمرهم، وقد مضى ذلك في رسم طلق من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان، وأما إذا استأجر القومُ قاسماً يقسم بينهم فلا كراهية في ذلك، وكذلك قال في المدونة. وكذلك أيضاً لا يكره أخذُ ما جعله له الإِمام من بيت المال على ذلك؛ لأن هذا وشبهه مما يحتاج إليه المسلمون ويعمهم نفعه فعلى الإمام أن يرزقهم من بيت مالهم، وبالله التوفيق.
[: اشترى ثلاثة أخماس من حائط واشترى الآخر خمسين واختلفا في القسمة]
ومن كتاب أوله باع غلاماً وسئل عن رجل اشترى ثلاثة أخماس من حائط، واشترى الآخر خُمُسَيْنِ ثم إن أحدهما دعا صاحبَه إلى القسم فأبى قال: تعال أقاومك فيتقاومان نخلة نخلة فدخلت عليهما وضيعة، قال مالك: الوضعية بينهما إنما لو باعها من رجل آخر يَتَردَّانِ النقصانَ بينهما ويجمعان الثمن ثم يترادان بعد ذلك النقصان.
قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قاله من أن الوضعية بينهما أخماساً كما كان يكون الربح بينهما لو ربحا في ذلك. مثال ذلك أن يشتري أحدهما ثلاثة أخماس الحائط بثلاثين ويشتري الآخر خمسيه بعشرين، فيتقاومان الحائط صاحب الثلاثة الأخماس على صاحب الخُمسين بأربعة دنانير؛ لأن الواجب لصاحب الثلاثة الأخماس من جميع الثمن وهو أربعون ثلاثة أخماسه وهو أربعة وعشرون عنده من ذلك عشرون، بقيت له على صاحبه