من سماع أشهب، وابن نافع، عن مالك، رواية سحنون من كتاب الطلاق الثاني قال أشهب: وسمعته يسأل: عن الرجل يصنع لأهل المسجد يوم الفطر من رمضان طعاما، فيدعوهم إليه، أترى عليهم إجابته بمنزلة طعام الوليمة؟ قال مالك: ما أرى ذلك، وإني لأكره مثل هذا لأهل المسجد أن يجيبوا إلى من دعاهم هكذا، وهم يزرون عليه ويغمصون، وما أرى ذلك لهم، وإني لأكرهه وما يعجبني ذلك لهم.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الدعوات إلى الأطعمة على قصد ما عليها بها، فمنها ما لا ينبغي أن يجاب إليها، كهذه وشبهها مما يقصد بها قصدا مذموما من تطاول، وامتنان، وابتغاء محمدة، وشكر، وما أشبه ذلك؛ ومنها ما يجب على المدعو إليها إجابة الداعي إليها، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، وهي دعوة الوليمة التي أمر رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بها، وحض عليها، وأوجب إجابة الداعي إليها، ومنها ما يجوز إجابة الداعي إليها ولا حرج في التخلف عنها، وهو ما سوى دعوة الوليمة من الدعوات التي تصنع على جري العاديات، دون مقصد مذموم؛ كدعوة العقيقة، والنقيعة، والوكيرة، والخرس، والإعذار، وما أشبه ذلك. ومنها ما يستحب الإجابة إليها، وهي المأدبة التي يفعلها الرجل للخاص من إخوانه وجيرانه، على