قال محمد بن رشد: مثل ما حكى ابن حبيب عن ابن القاسم أيضا: أنها لا تجزئه، وروى البرقي عن أشهب: أنها تجزئه، وقول ابن القاسم أظهر؛ لأن قيمتها مذبوحة - إن كانت أقل من قيمتها - حية، فقد أخرج أقل قيمة مما عليه؛ وإن كانت مثل قيمتها حية، فهو بمنزلة من أخرج عن العين عرضا لا يجزئه عند ابن القاسم، ويجزئه عند غيره؛ وكذلك أيضا لو كانت قيمتها مذبوحة أقل من قيمتها حية، فأخرج تمام القيمة، لا يجزئه ذلك على مذهب ابن القاسم، ويجزئه على مذهب غيره.
[مسألة: الساعي يقف على الرجل في زكاة زرعه أو صدقة ماشيته]
مسألة وسألته عن الساعي أو العامل يقف على الرجل في زكاة زرعه، أو صدقة ماشيته، فيقاطعه منها بالدراهم طوعا أو كرها؛ هل يجتزئ بذلك، ويعتد بها إن وضع بقية ذلك في وجهها؟ أو هل للرجل أن يشتري صدقته من العامل بعد أن يدفعها إليه؟ قال ابن القاسم: نعم يجتزئ بها، ويعتد بذلك إذا كان العمال والسعاة يضعون ما يأخذون من الصدقة مواضعها، ولا أحب لأحد أن يشتري صدقته، وإن كان بعد أن يقبضها العامل، وإن فعل لم أر بذلك بأسا، ولا أرى عليه شيئا إذا كانوا يضعون الصدقات مواضعها، كما أعلمتك؛ فأما الوالي الجائر الذي لا يضعها مواضعها، فلا يجتزئ عن صاحبها دفعها إليه - طائعا، أو كارها، قاطعه عليها، أو لم يقاطعه، اشتراها منه بعد وصولها إليه، أو لم يشترها، فلا يجزئه على حال، ولا يعتد بها؛ وسألته عن الصدقات والعشور هل يصح الاشتراء منها؟ قال ابن القاسم: إن كانوا يضعون أثمانها مواضعها، فلا بأس بالاشتراء منهم، وإلا فلا يحل؛ قال أصبغ: وقد كان يقول قبل ذلك فيما أعلم إذا أخذت