قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وغيرها: أن الشاهد لا يعتق عليه نصيبه للضرر الداخل على أشراكه، وعبد العزيز بن أبي سلمة يقولان: إنه يعتق عليه نصيبه، ولا يقوم عليه نصيب شريكه، وقول أصبغ هذا قول ثالث في المسألة، وقد مضى ذكر هذا في آخر أول رسم من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.
[مسألة: بينة شهدت على رجل أنه زنى بمصر وأخرى بالعراق]
مسألة وسئل أصبغ عن بينة شهدت على رجل أنه زنى بمصر في المحرم يوم عاشوراء، وشهدت بينة أخرى أنه كان يومئذ بالعراق، قال أصبغ: هذا حد قد ثبت لا تزيله هذه البينة التي شهدت أنه كان بالعراق؛ لأنها لم تشهد على فعل آخر، إنما شهدت أن الذي قالت البينة الأولى لم يكن، فذلك غير مقبول، قيل له: فلو شهدت بينة أنه زنى بمصر يوم عاشوراء، وشهدت بينة أنه سرق ذلك اليوم بالعراق، أتوجب عليه الحدين جميعا؟ قال: لا، بل تطرح كلتا الشهادتين؛ لأنهم شهدوا على أمر مختلف وفعلين لا يمكنان جميعا، فإن قلنا: إن إحدى البينتين قد شهدت بحق، فإنا لا ندري أيهما هي، فسقطت الشهادة بالشك، قيل: وكذلك لو قالت هذه البينة: إنه زنى بمصر يوم عاشوراء، وقالت الأخرى: إنه قتل إنسانا بالعراق؟ قال: أطرحهما جميعا، قلت: فشهدت إحدى البينتين أنه زنى بمصر يوم عاشوراء، وشهدت بينة أخرى أنه زنى ذلك اليوم بعينه بالعراق، أتطرح هذه أيضا؟ قال: لا، بل أثبت عليه حدا واحدا؛ لأن كلتا البينتين إنما شهدت بالزنى، فحد الزنى حد واحد؛ لأني أعلم أن إحدى البينتين صادقة، فقد وجب عليه الحد إما بهذه وإما بهذه؛ فلا بد من إقامة الحد عليه بأحد الزنائين، قال: وكذلك لو شهدت أيضا بينة أنه قتل فلانا بمصر، وشهدت أخرى أنه قتل