فلانا بالعراق، وقام أولياء المقتولين جميعا قتلته بهما؛ لأن إحدى البينتين صادقة.
قال محمد بن رشد: تفرقة أصبغ هذه في اختلاف البينتين، إذا شهدت إحداهما على رجل أنه زنى بمصر في المحرم يوم عاشوراء، بين أن تقول البينة الأخرى: إنه كان ذلك اليوم بالعراق، أو إنه سرق أو قتل ذلك اليوم بالعراق، أو. . . إنه زنى ذلك اليوم بالعراق، أيضا فإن قالت: إنه كان بالعراق، وإنه زنى بالعراق؛ أقيم عليه حد الزنى، وإن قالت: إنه زنى أو قتل بالعراق، سقط عنه الحدان جميعا، هو على قياس المشهور من مذهب ابن القاسم في أن البينتين إذا اختلفتا بالزيادة كانت التي زادت أعمل، وإن اختلفتا في الأنواع سقطتا جميعا، إلا أن تكون إحداهما أعدل من الأخرى، فيقضى بالأعدل، وقد قال ابن القاسم: إن البينتين إذا اختلفتا بالزيادة سقطتا، إلا أن تكون إحداهما أعدل؛ فيقضى بالأعدل كاختلافهما في الأنواع، فيلزم على قياس هذا إذا قالت إحدى البينتين: إنه زنى بمصر في المحرم يوم عاشوراء، وقالت البينة الأخرى: إنه كان ذلك اليوم بالعراق، أو إنه زنى ذلك اليوم بالعراق؛ أن تسقط البينتان جميعا، إلا أن تكون إحداهما أعدل من الأخرى، فيقضى بها، كما لو قالت: إنه سرق ذلك اليوم بالعراق أو قتل، وهو الذي يوجبه القياس والنظر؛ لأن كل بينة منهما مكذبة لصاحبتها في الوجوه كلها؛ إذ لا يمكن أن يكونا جميعا صادقين، فإذا لم يمكن ذلك وجب أن يسقطا جميعا، إلا أن تكون إحداهما أعدل من الأخرى، فيقضى بالأعدل؛ لأن الظن يغلب أنها هي الصادقة، وقول أصبغ: إنه يقام عليه حد الزنى إذا قالت إحدى البينتين: إنه زنى بمصر في المحرم يوم عاشوراء، وقالت البينة الأخرى: إنه زنى في ذلك اليوم بالعراق، وإنه يقتل إذا قالت إحدى البينتين: إنه قتل فلانا بمصر في المحرم يوم عاشوراء، وقالت البينة الأخرى: إنه قتل فلانا لرجل آخر ذلك اليوم بالعراق، وقام أولياء القتيلين جميعا بعيد، لا سيما في الزنى؛ لما جاء من أن الحدود تدرأ بالشبهات.